استراتيجيات استدامة الشركات العائلية عبر الأجيال
تشكل الشركات العائلية أغلبية الشركات العالمية، فهي توفر 70% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و60% من فرص العمل العالمية، وهي المحرك الرئيسي للأعمال التجارية والنمو العالمي. لذا فإن استدامة الشركات العائلية ضرورية على المدى الطويل. لكن ليس من السهل تحقيق النجاح عبر أجيال متعاقبة، فكيف يمكن لأصحاب الشركات العائلية التعامل مع تحديات الاستدامة؟
يجبب وليد الكلش، وهو مستشار معتمد في الشركات العائلية، على هذه الأسئلة بالتفصيل في المقالة التالية:
أهمية التخطيط الاستراتيجي ودوره في استدامة الشركات العائلية
تبلغ نسبة الشركات العائلية في السعودية والإمارات 90%، وينعكس نجاح هذه الشركات بشكل مباشرة على الاقتصاد، ولهذا فإن التخطيط الاستراتيجي للاستدامة هو بمثابة البوصلة التي توجه إدارة الشركات العائلية عبر تقلبات السوق المتغيرة والمتسارعة.
إن القدرة على التكيف مع التغيرات ضرورية لاستدامة الشركات العائلية وازدهارها. ومع انتقال القيادة من جيل إلى جيل، فمن الضروري تعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات، والانفتاح على الأفكار الجديدة ونماذج الأعمال واستراتيجيات السوق، لضمان قدرة الشركة على المنافسة.
ومن خلال التخطيط الاستراتيجي، يمكن للشركات العائلية التخفيف من المخاطر، والاستفادة من الفرص الجديدة، وضمان انتقال سلس للقيادة عبر الأجيال.
كيفية ضمان انتقال سلس بين الأجيال في الشركات العائلية
تؤثر عوامل عدة في إنشاء استراتيجية استدامة ناجحة للشركات العائلية، وعلى الرغم من أن كل عائلة تنشئ إطار عمل خاص بها، إلا أن هناك خطوطاً عريضة لهذا الإطار يمكن إيجازها بالنقاط التالية:
1. بناء هيكل الحوكمة في إدارة الشركات العائلية
في الشركات العامة، يكون الملاك في الغالب من المستثمرين. ويكون نفوذهم محدوداً؛ حيث يتركون إدارة الأعمال لمجلس الإدارة.
بالمقابل، فإن الشركات العائلية لديها نقاط قوة خاصة في الحوكمة، حيث تملك إمكانات التفويض والتمكين، وتمتاز كذلك بإخراج قادة ملهمين، كما تقدم فرص الترقي الوظيفي للموظفين، وتقدم المكافآت والإشادة بالعمل الجيد، وفقاً لدراسة أجرتها ماكينزي.
وفي عصر يتصف بالذكاء والسرعة، يكمن التحدي الرئيسي للعديد من الشركات العائلية في إيجاد الطريق الصحيح للتحول من عملية صنع القرار المركزية وغير الرسمية إلى تمكين فريق القيادة العليا.
إن تحقيق التوازن بين العلاقات العائلية وأولويات العمل هو تحدٍ كبير في الشركات العائلية، وللتغلب عليه تحتاج الشركات إلى إنشاء دستور عائلي يعمل كوثيقة إرشادية تحدد أهداف الشركة وقيمها وآليات اتخاذ القرارات.
2. تحديد الأهداف الريادية
يتمتع أصحاب الشركات بالحق في تحديد هدفها، ومع هذا الحق تأتي القدرة على تعريف النجاح. وبالنسبة للشركات العامة ذات الملكية الواسعة النطاق، فإن الهدف يكون غالباً تعظيم عوائد المساهمين.
لكن أهداف الشركات العائلية لا تقف عند هذه المصطلحات، حيث تتمتع بمرونة وحرية أكبر في تحديد الأهداف الريادية طويلة المدى، مما يوفر مجالاً أكبر للابتكار.
إن ممارسة هذا الحق بشكل فعال يمكن أن يكون ميزة لا تصدق في جعل الأعمال التجارية تدوم، لأنه يتيح نهجاً طويل الأجل للأجيال يتحدى إنجازات الشركات العامة.
لكن ليست كل العائلات واضحة بشأن أهدافها وقيمها، ويمكن أن يؤدي هذا الافتقار إلى الوضوح إلى نزاعات حول الأولويات، أو الفرص الضائعة، أو خسارة الموظفين الموهوبين. مما ينعكس سلباً على نمو الشركة وانتقالها إلى أجيال جديدة.
لتجنب هذا المصير، تحتاج الشركات العائلية الناجحة إلى استراتيجية خاصة تحدد أهدافاً مقسمة لثلاث فئات رئيسية: النمو المالي، والسيولة، والحفاظ على سلطة اتخاذ القرار داخل حدود ثابتة عبر ممارسات كتجنب الديون الخارجية.
3. التواصل الفعال ضمن الشركة العائلية
يحق لأصحاب الشركات معرفة الكثير عن أعمالهم، مثل البيانات المالية، والسجلات التنظيمية، ووثائق الملكية. كما أنهم غير ملزمين بمشاركة هذه المعلومات مع أي شخص باستثناء الحكومة. وهذا يعني أن إدارة الشركات العائلية تتحكم في الاتصالات، ولا يمكن مشاركة أي معلومة دون إذنهم.
وتؤثر الطريقة التي يمارس بها أصحاب الشركات هذا الحق بشكل كبير على طول عمر الشركة، لأن التواصل الفعال ضروري لبناء العلاقات القائمة على الثقة، والتي تعد أحد أكثر أصول الشركات العائلية قيمة سواء على الصعيد المالي أو الاجتماعي.
4. إعداد الجيل القادم لقيادة وإدارة الشركات العائلية
توصل استطلاع أجرته ماكنزي إلى أن أفراد العائلة من الجيل القادم مستعدون لتحمل المزيد من المسؤولية في إدارة الأعمال العائلية، إلا أنهم يفتقرون إلى الثقة اللازمة للقيام بذلك.
ويرغب ثلثا أفراد هذا الجيل في أن يكونوا في موقع المسؤولية، إلا أن 30% منهم فقط يشعرون بالثقة لاتخاذ القرارات المتعلقة بالشركات العائلية. ويشعر 30% منهم فحسب بأنهم يمتلكون هذه الشركات فعلياً، مقارنة مع أفراد العائلة العاملين في الشركة.
إن إشراك الجيل القادم في الأعمال منذ مرحلة مبكرة أمر في غاية الأهمية، وذلك لأنه يغذي روح المبادرة بين الجيل الأصغر سناً من خلال توفير الخبرة والفهم اللازمين لعالم الأعمال.
ويمكن للجيل التالي اكتساب هذه الخبرة من خلال التدريب الداخلي أو برامج الإرشاد أو إشراكهم في عمليات صنع القرار.
لا تقتصر إيجابيات إشراك الجيل التالي على تأهيلهم لتولي مناصب قيادية وحسب، وإنما على غرس وجهات نظر جديدة ومبتكرة في الشركات العائلية، وهي عناصر مهمة للاستدامة في ظل أسواق تنافسية ومتغيرة.
إن استراتيجية الاستدامة في الشركات العائلية الناجحة هي توازن دقيق ومدروس بين الماضي والحاضر والمستقبل. لكن التأجيل مسيطر على اختيار لحظة التواصل الفعال بين الأجيال، مما يؤخر النمو ويعرض الأعمال العائلية لتحديات والمخاطر.
وليد الكِلش مستشار معتمد في الشركات العائلية ويقدم خدمات استشارية متخصصة ومصممة بناءً على احتياجاتك وأهدافك، لا تؤجل التخطيط الاستراتيجي لاستدامة شركتك من أجل ضمان عملية انتقال ناجحة وتواصل فعال بين الأجيال وتواصل اليوم لحجز خدماتك الاستشارية.